ما نحن بِصدده هنا ليس قصّةً خيالية لفيلمٍ ما، إنها قصّةٌ واقعيّة لحياة فتىً يتمتع بأحلام كبيرة. وفجأة تراه لمع نجمه منطلقاً من إحدى أشدّ الأماكن دماراً وصراعاً في المنطقة. لقد تغلّب على كل الصّعاب وظهر كمتسابق على مسرح قناة إم بي سي في البرنامج الشهير أراب أيدول ممهّداً الطريق بذلك ليحقق فوزاً ساحقاً
إنّه لإنجازٌ كبيرٌ أن يشقّ شخصٌ ما من قِطاع غزّة طريقه بنجاح في منافسة عالميّة وعلى مستوى العالم العربي مثل (أراب أيدول) ويحتلّ في نهاية المطاف المركز الأوّل. ماذا يعني كلّ هذا بالنسبة لك؟ إنه يعني إمكانية تحقيق الأحلام من خلال العمل الجدّي والمثابرة. لقد منحني الفوز بلقب أراب أيدول كل ما حلمت به يوماً. كان عليّ التّغلّب على الكثير من الصّعاب لأصل إلى ما وصلتُ إليه. إن فوزي بهذا اللقب هو أفضل أمر حصل في حياتي حتى الآن. إنني في بالغ الامتنان
متى أدركتَ أنّك أصبحت مشهوراً؟ وهل كنت تحلم أن تبلغ هذه الشهرة يوماً؟ لقد أدركتُ هذا الأمر بعد نهائيات (أراب أيدول) بالضّبط. وذلك بسبب الاهتمام الشديد الذي تلقّيتُه من المشاهير العرب والإعلام وبشكل أساسيّ من المعجبين. بصراحة، لم أحلم قطّ أن أبلغ هذا الحدّ من الشهرة
صِف لنا رحلتك بدءاً من اللحظة التي قرّرت بها المشاركة في (أراب أيدول) بدأتْ رحلتي من مصر. وبعد تجاوزي لكلّ العقبات والوصول إلى تجارب الأداء في (أراب أيدول) أعتقد أنّني حصدتُ ثمار عملي الشّاق
لقد تغلّبتَ على الكثير من المصاعب بالتأكيد، بدءاً من عبور الحدود بين غزّة ومصر إلى تسلّق حاجز المكان الّذي كانت تتم فيه تجارب أداء (أراب أيدول)، وصولاً إلى تسليمك رقم متسابق آخر بعد أن تجاوزتَ آخر موعد لتقديم الطلبات. يبدو الأمر برمّته وكأنّه فيلمُ إثارة من «هوليود». يمكن للبعض أن يقول أنّ الأمر مُقَدّر في السماء. لكن بالتأكيد لا يمكنك إغفال دور قوّة الإرادة والإخلاص والولع في تحقيق المرء لطموحه، فما هو الدافع الذي كان يحرّضك على المضيّ قُدُماً؟ لقد تجلّى دافعي الأوّل في إيماني بحلمي. منحني هذا الأمر القوّة لأتجاوز كل تلك الصّعاب. يمكنك أن تقول أنّ كلّ أولائك الأشخاص الذّين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ الإنسانيّة عانوا بشكل أو بآخر؛ و كما الحال معهم نلتُ قسطي من المعاناة أيضاً
إنّ الطريق إلى النجوميّة معبّد بالصّعاب. هل مرّتْ عليك لحظات أَعدتَ فيها التفكير بصحّة خياراتك؟ على الإطلاق. إنّ حبّ وتشجيع المعجبين والناس المحيطين بي يمنحني القوّة لأثابر في إنجاز طموحاتي. بالنسبة لي، أعتقد أنّني يجب أن أبذل قُصارى جهدي، خاصّة وأنّي ما أزال في بداية مسيرتي الفنيّة
لقد عيّنتْك الحكومة الفلسطينيّة سفير الثقافة والفنون – ما هي النتائج المترتّبة على هذا الأمر؟ يستدعي هذا الأمر مشاركتي في العديد من الأحداث داخل فلسطين وخارجها
منَحَك الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس منصباً ذو «صفة دبلوماسيّة». ماذا يعني لك هذا الأمر؟ إنه يعني لي الكثير. هذا الأمر هو خير مثال عن التشجيع والدّعم الّذَين يجب أن تتلقّاهما المواهب الوطنيّة من قِبَل حكوماتها. لقد شرّفني الرئيس عبّاس بهذا المنصب وسأبذل قصارى جهدي كي أرقى إلى مستوى توقّعاته
يُعتبَر قِطاع غزّة أحد الأماكن الأشدّ معاناةً على الصعيد الاقتصادي في العالم. هل ترى أنّك من خلال تزايد شعبيّتك تلعب دوراً في تحسين الحالة الاجتماعية – الاقتصادية في تلك المنطقة؟ بالطّبع. كما هو الحال مع أيّ مواطن، أشعر بضرورةِ أن أبذل ما في وسعي لأدعم شعبي. أعتقد أنّ مَهمّتي هي أن أكون خيرَ مثالٍ يقتدي به شباب غزّة ليكونوا على قناعة تامّة أنّ كلّاً منّا لديه دور في تحسين ظروف شعبنا
لقد تخطّتْ موسيقاك الحدود السياسيّة ويراك الكثير تمثّل صوت الشعب الفلسطينيّ. ماذا يحاول ذلك الصوت أن يقول؟ إنّ صوتي يخبر العالم أجمع عن الظروف التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني وعن الصراعات اليومية التي يعانيها تحت نَير الاحتلال. إنّ صوتي باختصار هو تمثيلٌ لأمتي
هل تحاول أن تنقل من خلال موسيقاك رسالةً محددة على الصعيد السّياسي أو الإنساني أو الاقتصادي؟ الموسيقى لغةٌ عالمية قادرة على التواصل مع الجميع. أحاول أن أوصل عدّة رسائل من خلال موسيقاي؛ بعضها حول أمتي والآخَر حول الحياة بالعموم
تمّ تعيينُك مؤخّراً «سفيرَ النوايا الحسنة للسلام» من قِبَل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا». ما هو الدور الذي تلعبه فيما يتعلّق بهذا الأمر؟ إنني أحمل رسالة «الأونروا» واللاجئين الفلسطينيين الشباب إلى محافل جديدة داخل المنطقة وخارجها. لقد درستُ في مدارس الأونروا وأنا مُلزَمٌ أن أفعل ما بوسعي لمساعدة المنظّمة كي تنجح في منْح الشّباب الآخرين فرصةً في أن يحقّقوا طموحاتهم بالطريقة نفسها التي سَنَحَتْ لي
يلقّبك المعجبون بلقب «عبد الحليم حافظ»القرن الحادي والعشرين، خصوصاً بسبب شبهك الكبير به إن كان من حيث الشّكل أو الصوت. إلى أية درجة يُشعرك هذا الأمر بأنّك شخص مميّز؟ لا شكّ في الأمر: أشعر بأنني مميّز جداً عندما تتمّ مقارنتي بعبد الحليم. إنّه نجمي المفضّل. إن عبد الحليم أحد أعظم الشخصيات التي مرّت في تاريخ الموسيقى العربية. يشرّفني أن يشبّهني الناس به
كيف هو الحال عندما تنشأ في مخيّمٍ للّاجئين في خان يونس التي تُعتبَر إحدى أفقر المدن في العالم العربيّ؟ إن القول أنّ ذلك قاسٍ جداً لا يكفي للتعبير عن مدى صعوبة الأمر. انتقلتْ عائلتي إلى خان يونس عندما كنتُ في الرابعة من عمري. لقد كانت هذه المدينة مسرحاً لبعض المجازر الوحشية خلال طفولتي وعبر الفترة التي قضيناها هناك كلها. لقد شهِدْتُ الكثير من التفجيرات وتألّمتْ عيناي من مرأى شبح الدمار يخطِف حياةَ أصدقاءٍ وعوائلَ بأكملها بلمح البصر
ما الذي أتى بك إلى عالم الموسيقى؟ هل كنتَ تحلم دوماً أن تكون موسيقيّاً؟ لطالما كان لديّ شغف بالموسيقى. لقد أردتُ أنْ أصبح موسيقياً مُذْ كنتُ طفلاً، ودوماً ما كان يُراودني هاجسُ أن أكون مطرباً محترفاً
بدأْتَ مسيرتك الفنيّة بالغناء في الأعراس والحفلات الخاصّة. كيف ساهم ذلك في صياغة توجّهك الموسيقي؟ لقد منحني ذلك ثقةً كبيرة بنفسي بكل تأكيد، كما ساهم ذلك في صقل مهاراتي في الغناء والأداء. لمْ أحْظَ بأي تدريبٍ احترافيّ كمطربٍ قطّ – لقد بدأتُ بالغناء في الخامسة من عمري. إذاً يمكنني القول بثقة أنّ ما قدّمتُه في الأعراس والحفلات الخاصّة قد ساهَم حقّاً في صياغة مسيرتي الفنّية، على الأقل أنا أنظر إلى الموضوع على هذا النحو
يتطلّبُ الحصولُ على فرصة عملٍ طبيعيّة في بلدك صراعاً مريراً. ما مدى الدعم الذي حصلْتَ عليه عندما قرّرْت أن تدخل مجال الموسيقى بشكل رسمي؟ لقد حصلتُ على دعمٍ كبير من عائلتي وأصدقائي كما غمرني المعجبون بدعمهم عبر العالم العربي
يعمل بعضُ أفراد عائلتك بالمجال الموسيقيّ أيضاً – أخواك مطربان. هل تَعتبر أن لديهما التأثير الأكبر عليك؟ أوه, بالطبع. اثنان من إخواني يعزفان الموسيقى وهما يتابعان تقديم الدّعم لي خلال مسيرتي الموسيقيّة – قبل وبعد تجربتي في أراب أيدول
أيّة موسيقى تستهويك؟ أحبّ الموسيقى القويّة. إنني أكنّ احتراماً بالغاً للموسيقى العربية الكلاسيكية فتراني أستمتع بالاستماع إلى أساطين الموسيقى مثل عبد الحليم حافظ و محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. ولكني في الوقت ذاته لديّ فنانين معاصرين مفضّلين مثل جورج وسّوف وشيرين عبد الوهاب. أما بالنسبة للفنانين الغربيّين فأنا أحب فرقة باكستريت بويز
هل تغيّر منظورك للعالم بعد أن أصبحتَ تحت الأضواء؟ يقول بعض الناس أنّ الشهرة والثروة تغيّران حياتنا وتؤثران على شخصياتنا أي أنهما تغيران الناس. لكنني أعتقد أن الأمر نسبيّ. لقد نشأتُ في عائلة بسيطة لا تحصل إلّا على الأساسيات الضرورية في الحياة. ولقد اخترتُ الآنَ أن أُحافظ على بساطة نمط حياتي قدر المستطاع بسبب الصّلات القوية التي تربطني بعائلتي وأصدقائي
لقد أنجزتَ خلال عامين فقط ما احتاج غيرك من الفنانين المشهورين إلى حياة كاملة للحصول عليه، لا بل ربما تجاوزتهم أيضاً. هناك فيلم يروي قصّة حياتك أيضاً. هل كنتً قادراً على استيعاب هذا الكمّ الهائل من المجد والشُهرة خلال هذا الوقت القصير؟ إنّني ممتنّ جداً. أعتبرُ أنّي محظوظٌ جداً لكوني مُحاطٌ بأناس عظام قدّموا لي الدّعم والمساعدة لأصل إلى ما وصلتُ إليه اليوم. إنني أدين بكلّ ما لديّ لله أولاً ثمّ لهم
صِفْ لنا كيف كانت ردّة فعلك الأوّلية عندما اقترح عليك المخرج العالميّ هاني أبو أسعد إنجاز فيلم «ذي أيدول» اعتماداً على قصّة حياتكَ؟ لقد أحببتُ الفكرة منذ البداية وخاصّة لأن الفيلم يعتمد على قصّة واقعيّة. لطالما أردْتُ أن أشارك تجربتي مع العالم أجمع، وشكّل هذا الفيلم خير طريقةٍ لِفِعل ذلك
لقد تمّ إطلاق الفيلم مؤخّراً في مهرجان تورنتو الدّولي للأفلام كما قُدّم في عدّة مهرجانات أخرى حول العالم وقد حصل على مراجعات نقديّة مُذهلة. هل أنت راضٍ تماماً عن مدى صِدْقه في تصوير قصّتك؟ أوه, بالطّبع. لقد كان صادقاً تماماً. وأنا في بالغ السّعادة لأنّ العالم أجمع يستطيع معاينة قصّتي. الفيلم مكوّنٌ من مزيجٍ من الواقع والخيال. إنه أقربُ إلى الدراما وخاصةً في جُزْئه الأوّل. ومن ناحيةٍ أُخرى يتمحور الجزء الثاني منه حول تجربتي في (أراب أيدول) وهو واقعيّ تماماً
لو كان لك أن تُنهي الفيلم على طريقتك، فكيف كنت ستفعل ذلك؟ أتمنّى لو كانت نهاية الفيلم هي نهاية الاحتلال
يوحي الاستماع إلى قصّتك بأنّ رحلتك كانت بالغة الصعوبه ! هل ترى نفسك بطلاً، أو على الأقلّ إلهاماَ بالنسبة للجيل الأصغر عُمراً؟ أريد أن تكون قصّتي إلهاماً للناس تتلخّص الرسالة التي أريد توجيهها للناس بأنّ الاعتماد على الإخلاص والتصميم يؤتي أُكُلَهُ دوماً
لقد تمّتْ خطبتك مؤخّراً على المذيعة لينا قيشاوي التي تعمل مقدّمة برامج في قناة «الفلسطينية» بعد شهر من لقائها معك في برنامجها التلفزيوني، ولقد شكّل هذا الأمر عين الحدث. كلّ منكما شخصيّة عامّة. وهذا الأمر يضعكما تحت الأضواء وخاصة الآن إذْ أمسيتما ثنائيّاً. كيف أثّر ذلك على خصوصيّتك؟ لمْ يكن لهذا الأمر أيّ تأثير في الواقع. إنّني أحافظ على خصوصيّتي وخاصّة عندما يتعلّق الأمر بعائلتي وحياتي الشخصية
متى موعد الزّفاف؟ لَمْ نُحدّدْ موعداً بعدْ
ما هي خطوتكَ التالية بعد أن حقّقت كل هذه الإنجازات؟ إنّ نجاح المرء في تحقيق هدفه يُلزمُه بأن يكافح بإصرارٍ أكبر ليُنجِز أكثر. إنني أعتبر أن كلَ ما حققتُه حتى الآن ما هو إلا البداية