بقلم : آحمد دعبس
شاب، نشيط ومن أكثر المنتجين السينمائيين طموحًا في هوليوود هكذا هو المنتج السعودي محمد التركي البالغ من العمر 29 عامًا الذي فاق كل التوقعات وترك بصمته الخاصة في صناعة الأفلام بالرغم من أجوائها التنافسية العالية وبذلك استطاع محمد أن يحقق وهو في عمر الشباب أحلامه المتفائلة بصنع إنجازات كبيرة في تينسلتاون من دون سواها. وبات اليوم يتعامل مع نخبة مشاهير هوليوود، ومنهم من ظهر في بعض الأفلام التي أنتجها. سنجلس معه لنعرف أكثر عن رحلته السينمائية الناجحة
ما الذي دفعك للانتقال إلى هوليوود؟ كانت خطوة انتقالي إلى هوليوود مهمة لمسيرتي الفنية بعد نجاح فيلمي الأول، بل يمكنني أن أقول خطوة حاسمة، فأنا أعمل حاليًا على انتاج أفلام أمريكية، وبما أن الصناعة برمتها متمركزة هناك، فقد كان انتقالي خطوة استراتيجية بلا شك
ما هي طبيعة العمل في موقع تصوير فيلم ضخم الإنتاج؟ يعتمد ذلك على المخرج الذي أصوّر معه وعلى المواهب التي أتعاون معها - يتطلب منك هذا النوع من العمل قضاء ساعات طويلة فيه وهو مهلك جدًا للأعصاب؛ لكنه بشكل عام محمس جدًا. عليك أن تحافظ على هدوئك طوال الوقت بغض النظر عن التحديات التي تواجهها أو حجم الإرهاق الذي ستشعر به خلال عملية التصوير - وأفضل جزء في العملية ككل طبعًا هو المنتج النهائي الذي يستحق هذا العناء دائمًا، عندما تشاهد الفيلم كاملًا بعد مرحلة الإنتهاء مع الصوت. وستشعر بفخر لا يوصف في اللحظة التي يصل بها الفيلم إلى صالات العرض ويلقى ترحيبًا واسعًا من الجمهور والنقاد
لاحظنا أن معرفتك بمشاهير الصف الأول في هوليوود ازدادت في الآونة الأخيرة، كيف تصف وجودك تحت أضواء وسائل الأعلام؟ التواجد مع الكثير من المشاهير الموهوبين يعد جزءًا من حياتي اليومية، فأنا أعمل مع هؤلاء الأشخاص. بيد أن بعض الناس من الشرق الأوسط قد يملكون تصوّرات مغلوطة حول طبيعة عملي، ربما يظنون أني أمضي وقتًا ممتعًا لأني منشغل ونشط جدًا - يكمن السر في طريقة التواصل، فعليك أن تخالط هؤلاء الناس وأن تسليّهم؛ فهم عملائك في النهاية. والأهم أن البعض منهم أصبحوا أصدقائي نظرًا لتعاوني معهم في الأفلام، الأمر الذي يجعل علاقتي معهم مسلية أكثر - بيد أن تعرّضك للمراقبة المجهرية خاصة من عيون الناس في الشرق الأوسط قد يُحرَّف إلى شيء «مثير للجدل». فالمشككون حاضرون دائمًا ومن الأفضل ألّا تعيرهم أي اهتمام
ما رأيك بصناعة الأفلام في الشرق الأوسط؟ تنقسم صناعة الأفلام في المنطقة فعليّا إلى جزأين، فلديك السينما المصرية المرموقة التي لا تزال تقدم الأفلام إلى الجماهير في الشرق الأوسط منذ عشرينيات القرن الماضي، غير أنها تركز على الجمهور في العالم العربي بشكل أساسي - وشهدنا بنفس الوقت شكل آخر من الأفلام يُعلن عن نفسه في هذه الصناعة، مؤسسًا حقبة سينمائية جديدة. فنحن نشهد البداية الواعدة لصنّاع أفلام جدد يأتون من أماكن مختلفة في الشرق الأوسط - ويسردون قصصًا منوّعة ويتناولون مواضيع مختلفة بأساليب جديدة. وقد اكتسب هؤلاء المخرجون الواعدون خلال السنوات الخمسة عشر الماضية أهمية ملحوظة في المشهد السينمائي، وباتت رسائلهم تترك أثرًا على النطاق الاجتماعي. أعتقد أن الصناعة تنمو في الاتجاه الصحيح مما يزيد من الأمور التي نتطلع إليها في المستقبل
هل تخطط للعمل في فيلم عربي؟ هذا شيء أحب أن أقدم عليه طبعًا. فأنا أهدف لتسليط الضوء بشكل إيجابي على ما يحدث في الشرق الأوسط وتقديم قصص واقعية عن حضارتنا إلى الغرب. لكني لا أشعر أنني جاهز بعد للقيام بتلك الخطوة، أود أولّا أن أثبت مكانتي في هوليوود قبل الإقدام على الخطوة التالية
كيف تصف العمل مع مجموعة من أبرز مخرجي وممثلي هوليوود؟ كانت تجربة مرضية لأبعد الحدود. فقد اكتشفت أن هؤلاء النجوم الكبار يحافظون على تواضعهم على الرغم من الشهرة التي وصلوا إليها في مسيرتهم الفنية. فهم توّاقون لمشاركة معرفتهم والدروس التي تعلموها في حياتهم معك، وقد تعلمت الكثير مثلّا من خلال تجربتي في العمل مع ريتشارد غير، وأصبحت أعتبره مرشدي في مجال صناعة الأفلام، وأصبحنا نتحدث أسبوعيًا منذ أن عملنا سويًا في فيلم «آربيتراج»، وقد ساعدني ريتشارد كثيرًا باتخاذ مجموعة من القرارات. واتصل معي مباشرة لإنتاج فيلمه الجديد «تايم آوت اوف مايند». وأنا أكن له احترامًا عميقًا. كما أن العمل مع ممثلين كبار آخرين أمرٌ رائع، لمجرد خوض تلك التجرصبة واكتساب الكثير من المعرفة
ما هو سر نجاحك؟ من المهم جدّا في هوليوود أن تبني شبكة علاقات متينة. فالناس لا يدركون أنني تعاونت مع نفس الفريق في الأفلام التي أنتجتها. قد يتغير المخرج أو الممثلين لكنني لا أزال أعمل مع نفس المنتجين طوال الوقت وبنيت معهم علاقات عمل. الفكرة هي ألا تبدأ بالبحث عن مغامرات جديدة وأنت تعرف أن المعادلة التي تملكها تعمل بشكل ناجح. إنها أشبه بأي نموذج للأعمال: حافظ على أسلوب العمل الذي يناسبك
من هو معلمك أو مرشدك الرئيسي؟ ليس لدي معلم رئيسي حقًا، لكني محظوظ جدًا بأنني استطعتُ أن أحقق هدفي بالوصول للعمل في هوليوود، فلطالما كان هذا حلمي. إن والدي في الواقع هو معلمي الرئيسي في الحياة، فقد تعلّمت منه دروسّا كثيرة، وكان أكثر من مجرد أب بل و أعز الأصدقاء بالنسبة لي، وأنا محظوظ لوجود صديق مثله في حياتي رغم أنه لا يستطيع في بعض الأحيان أن يستوعب مجريات الأمور في هوليوود عندما أتحدث معه عن بعضها. بيد أنه يدعم مشاريعي ولا يتردد بنصحي في هذا الصدد
أخبرّنا أكثر عن آخر مشاريعك الإنتاجية: ديزيرت دانسر و99 هومز والفيلم القادم قريبًا ميتامورفيسيس: جونيور يير - تولى أورين موفرمان الذي قدم أفلامًا نالت عدة جوائز مثل ذا ماسنجر وترشح لجائزة أوسكار سنة 2009، إخراج فيلم تايم آوت أوف مايند، وهو مخرج يشيد الجميع بقدراته. عرفت عن الفيلم من ريتشارد غير الذي اتصل بي وأشار لي أنه سيكون مشروع جيد لنعمل فيه. فقرأت النص وجذب انتباهي على الفور، حيث يروي قصة مجتمع المشردين في نيويورك، فوجدت فيها قضية عالمية يمكن أن تؤثر بأي شخص، خاصة أنها تسرد أحداث يوم واحد في حياة شخص مشرد - أما فيلم 99 هومز فهو التعاون الثاني لي مع المخرج رامين بحراني الذي يُعد من أصدقائي المقربين، لذا كان من الطبيعي أن أعمل معه مرة أخرى - وأما عن ديزيرت دانسر فقد تواصل معي ريتشارد رايموند ولم أكن على معرفة مسبقة معه أو لدينا أصدقاء مشتركين وقدم لي نص الفيلم، لكني شعرت بصلة قوية مع قصة الفيلم عندما أطلعني عليها. فقد ذكّرني بالفيلم الموسيقي بيلي إليوت - واتضح أن منتج ذلك الفيلم كان يعمل على النص الذي قدمه لي ريتشارد رايموند
ما هي الخطوة التالية في مسيرتك؟ هل لديك مشاريع مهمة تطلعنا عليها؟ أركّز الآن على تطوير شركتي على نطاق أوسع، فطموحي يدفعني لتوسيع الشركة وتقديم أفلام أخرى بالإضافة للأفلام المستقلة. وآمل أن أعمل مع استوديوهات وإنتاج أفلام بميزانيات أضخم تكون مسلية للجمهور - وعلى صعيد آخر، أقوم أيضًا بتوسيع نطاق أعمالي بدخول صناعة الأزياء، وأود طبعًا خوض غمار الإخراج