هناك مقولة مشهورة، قريبة من الحياة هي ما يحدث أثناء انشغالك بالتخطيط لأشياء أخرى. وأظن أن محمد حفظي يتفق مع هذه المقولة. فبالرغم من أنه درس هندسة المعادن في لندن، ومازال يعمل بدوام جزئي في شركة تصنيع النحاس المملوكة لعائلته، إلا أنه وضع اسمه كأحد أكثر كتاب السينما العربية نجاحا، وذلك خلال أقل من عقد من الزمن. يقول حفظي، إن نشأته في بيئة صناعة عملية ساعد على إضافة توجه من المعرفة والالتزام في كتاباته. فهو يقول: هذه الخلفية العلمية علمتني كيف أفكر بطريقة منظمة وعلمية. ككاتب سيناريو، يستطيع حفظي أن يجرب الكثير من الإمكانيات التي قد يقود إليها تطور الأحداث والحالات المختلفة التي قد تواجها في حياتك اليومية، مما يضيف لمسة من الواقعية إلى العمل.
هذه المصداقية أفادت حفظي كثيراً – في 2008، ذكرته أبرز مجلة أفلام مصرية جود نيوز سينما، كواحد من أكثر 50 فرد تأثيرا في السينما العربية. أفلامه الأولى ككاتب تضمنت أفلام السلم والثعبان عام 2001، وعدد من الأفلام التي حققت نجاحا كبيرا مثل تيتو، و ملاكي إسكندرية و 45 يوم ، وقد نال حفظي العديد من الجوائز، وصنع لنفسه مكاناً كأحد أكثر الكتاب تقديراً في مصر. كما أدار ورشات عمل لكتابة السيناريو في الجامعة الأمريكية في القاهرة.
يرى حفظي أن الفيلم الجيد يكتسب قوته من الحقيقة، ويقول: هناك الكثير من الجوانب، أولا: النص، يجب على الفيلم أن يلامس المشاهد بطريقة صادقة، أو يجعل الجمهور يشعر أن الفيلم هو تكرار لفيلم آخر قد شاهده من قبل، وأنه يقول شيء صادق. ليس المفترض أن يقدم لك الفيلم رسالة، ولكن يجب أن يكون النص صادقاً وأميناً. يجب أن يلمس الفيلم مشاعر الجمهور وأحاسيسهم، من خلال الضحك أو الانفعال أو غير ذلك. الفيلم العظيم ليس بالضرورة سياسي أو ملحمي، قد يكون مجرد فيلم بسيط أو كوميدي. ولكنه مصنوع جيداً من جهة اختيار فريق العمل، والإخراج وكل شيء.
في 2006، انتقل حفظي إلى مستوى جديد في مسيرته، فقد أنشأ شركة فيلم كلينيك كشركة تطوير وإنتاج، وخلال ثمان سنوات، قام بإنتاج والاشتراك في إنتاج 17 فيلم في مصر، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة. منها أفلام كوميدية شهيرة مثل سمير وشهير وبهير، وأفلام حازت على تقدير عالمي وحصلت على جوائز مثل فيلم أخي والشيطان إنتاج عام 2012، والذي فاز بجائزتين في مهرجان لندن السينمائي، ومهرجان صن دانس السينمائي. في عام 2010، تم اختيار فيلمه مايكروفون للعرض في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، وحصل على 3 جوائز من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان دبي السينمائي الدولي، ومهرجان قرطاج السينمائي في تونس. كما شارك الفيلم في مهرجان فانكوفر السينمائي ومهرجان لندن السينمائي الدولي.
يظهر حفظي كمشارك ومتحدث في العديد من المهرجانات الإقليمية والدولية، وقد شارك في لجنة التحكيم الدولية في مهرجان القاهرة السينمائي 2010، ولجنة التحكيم في بداية مهرجان الأفلام العربية القصيرة (تروب فست أرابيا) في عام 2011.
ساعدت المشاركة في المهرجانات على التخفيف من الطبيعة المنعزلة التي تميز الكتّاب عموماً، والتي يزيد منها ابتعاده عن المركز العمراني. فهو يقول: أنا أقوم بأفضل أعمالي خارج القاهرة وضجيجها، أغلق هاتفي المحمول، وأصفّي ذهني. ولكن في أغلب الأوقات لا أجد الوقت الكافي للكتابة. الإنتاج يأخذ كل وقتي. أحاول أن أركز على الكتابة أكثر.
وحتى عندما لا يكون مشغولا بكتابة نص، أو إنتاج عمل، فإن لديه مسئوليات أخرى تجعله مشغولاً. فهو عضو في مجلس إدارة في غرفة صناعة السينما المصرية منذ سبتمبر 2013، ممثلاً عن السينما المستقلة الجديدة في غرفة صناعة السينما. كما تم وضعه ضمن قائمة سكرين إنترناشونال ماجازين لقادة المستقبل: المخرجين عام 2013، مما جعله العربي الوحيد في القائمة لتلك السنة. كذلك تم تعيينه كمدير مهرجان في مهرجان الإسماعيلية السينمائي للأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة في نسخته رقم 16، بالإضافة إلى كونه عضو مجلس إدارة معين في المركز القومي المصري للسينما.
كل ذلك لم يتعارض مع ما يعتبره حفظي عمله الحقيقي، فهو يقول: معظم عملي يكون مع المخرج، ومساعد المخرج، وفريق الإنتاج، بالإضافة إلى كاتب السيناريو. في المراحل الأولى من الفيلم، أعمل عادة مع المخرج وكاتب السيناريو، خاصة مع المخرج لاختيار الممثلين. أثناء الإعداد للفيلم أعمل مع مصمم الإنتاج، ومساعد المخرج والمخرج للاتفاق على تفاصيل الفيلم. أثناء التصوير، يكون دوري صغيراً جداً، فمثلا أستطيع أن أحل المشاكل عندما تحدث، وأتابع التصوير، والمونتاج، والمواد التي نحصل عليها للفيلم.
في النهاية، صناعة الأفلام هي مزيج من المهارات المختلفة، كل منها مهمة جدا في المنتج النهائي. ويقول حفظي: أحاول أن أجمع كل هذه العناصر معاً بطريقة معقولة أثناء صناعة الفيلم، بالطبع لا أنجح في ذلك في كل فيلم. ولكن يجب أن أكون منتبها لكل هذه الأشياء، وأعرف كيف أقيّمها بطريقة صحيحة، وأن أفعل ما بوسعي لأجعل كل هذه العناصر تخرج بأفضل طريقة ممكنة. والنتائج تتحدث عن نفسها.
بعد استعراض عام لعمل محمد حفظي، كان لدينا بعض الأسئلة الإضافية له: